الغفلة والضياع في مواجهة الحقيقة

الغفلة والضياع في مواجهة الحقيقة
ومضات تأملية في رحيل الإنسان وغفلته عن نفسه
مقدمة: الغفلة الطاغية
يعيش كثير من الناس اليوم في دوّامة من الشغف بالمادة والمظاهر، حتى صاروا كمن يركض بسرعةٍ فائقة نحو سرابٍ يظنه ماءً، فإذا به يُفاجأ بالرمال. هذه هي الغفلة؛ أن ترى الدنيا كلَّ شيءٍ ولا ترى الآخرة شيئًا، فتُضحّي بالباقي بالفاني، وتُقَدّم القريب على البعيد، والظل على الأصل.
أنماط الغفلة المعاصرة
- غفلة المُؤمن الضعيف: يعلم الحقَّ لكنه يُقصّر في طلبه، فيُصبح نادمًا كلما ذكّره الموت أو مرضٌ أو مصيبة.
- غفلة المُعرض: يعرف الحقّ ويتجاهله، فيُصَلّي لأنها عادة، ويصوم لأن الناس يصومون، فلا روح في العمل ولا صدق في السعي.
- غفلة الجاحد: يُنكر البعث والحساب، ويعيش لذّته كأن الموت خرافة، فإذا جاءه الموت قال: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾.
- غفلة المنشغل: يغرق في متطلبات الحياة اليومية حتى ينسى الغاية من وجوده، فيعيش كالآلة لا يعرف لماذا خُلق ولا إلى أين المصير.
مؤشرات الغفلة في حياتنا المعاصرة
المؤشر | التأثير | العلاج المقترح |
---|---|---|
الانشغال الدائم بالهواتف ووسائل التواصل | تبديد الوقت ونسيان الهدف الأسمى | تخصيص أوقات للتفكر والذكر والعبادة |
المادية الطاغية والسباق وراء المال | نسيان الآخرة والاستعداد لها | التصدق وتذكر الموت وزيارة القبور |
التسويف في التوبة والعمل الصالح | تراكم الذنوب وزيادة البعد عن الله | المبادرة إلى التوبة والاستغفار والندم |
الاهتمام بالمظاهر والشكليات | إهمال الباطن والقلب والنوايا | مراقبة الله وإصلاح النية في كل عمل |
الضياع في مواجهة الحقيقة
يتجلّى الضياع حين تتهاوى الأقنعة، فيُدرك الإنسان أنه باع أبديته بعرضٍ زائل، وأن الوقت الذي كان يظنه «طويلاً» قد انتهى بغتة. عندها تبدأ الأسئلة الحارقة: «ماذا عملت؟» و«لماذا لم أُعدّ؟» و«من سيُنجيني من عذاب الله؟»
"الغفلة سجن القلب، والذكرى مفتاحه. من عاش غافلاً مات نادماً، ومن عاش ذاكراً مات مستريحاً."
أسئلة شائعة حول الغفلة واليقظة
من علامات الغفلة: الشعور بالفراغ الروحي، التسويف في الطاعات، الانشغال بالدنيا عن الآخرة، قسوة القلب، وعدم التأثر بموعظة.
الراحة النفسية تأتي من الطمأنينة بالإيمان والعمل الصالح، أما الغفلة فهي انشغال بالدنيا ونسيان للآخرة. الأولى سلام داخلي، والثانية قلق مستتر.
بالإكثار من ذكر الله، تدبر القرآن، مصاحبة الصالحين، تذكر الموت، المحاسبة اليومية للنفس، والإكثار من الأعمال الصالحة.
العلاج: استحضار الموت والحساب
لا دواءَ كدواءِ الذكرى؛ فمن ذكَر الموتَ كثيرًا قلّت غفلته، ومن استحضر الحسابَ كثيرًا ازداد عملُه. أَكثِرْ من زيارة القبور، واقرأ سيرَ السلف، واحفظ آياتٍ وأحاديثَ في الآخرة تُذكّرك إذا غفلت.
ملخص التدوينة
- الغفلة مرض قلبي خطير يجعل الإنسان يعيش بعيداً عن حقيقة وجوده
- أنماط الغفلة متعددة تبدأ من التقصير وتصل إلى الجحود والإنكار
- الغفلة تؤدي إلى الضياع والندم عند مواجهة الحقيقة
- العلاج يكون بالذكر، التفكر، محاسبة النفس، واستحضار الموت والآخرة
- اليقظة الروحية هي السبيل للخروج من ظلمات الغفلة إلى نور الحقيقة
خاتمة: صحوة الضمير
لا تنتظر «غدًا»؛ فربما لا يأتي. اعمل لنفسك قبل أن تُسأل، وازرع قبل أن تُحصد، وتُبْ إلى الله قبل أن تُفجَع بالرحيل. اجعل لقلبك وقفةً كل يوم تسأل فيها: «لمَ خُلِقتُ؟» و«إلى أين سأرحل؟» و«ماذا أعددتُ؟» فإن أجبتَ عنها بصدقٍ فازت دنياك وأُخراك.
ينتهي هنا موضوعنا عن : ومضات تأملية في رحيل الإنسان وغفلته عن نفسه, إذا أعجبك الموضوع فشاركه مع أصدقائك ، ونلتقي في موضوع جديد على موقع سعدنا حماه الله. دمتم في امان الله ❤️:)